ذكريات علبة الماكنتوش
بعيدا عن التكلف و عن المواضيع الرسمية و عودة إلى ذواتنا و شخصياتنا الحقيقة و البسيطة و التي يعرفنا الجميع بها.
قبل قليل وصلتني أحد المقاطع على هاتفي و هذا المقطع يتحدث عن علبة الماكنتوش و الذي تذهب و تأخذها من مكانها حتى تفاجأ أن بها “عدة الخياطة” , كنت أظن أن هذا الشيء يحدث عندنا في بيتنا فقط إلى أن تفاجأت أن هذا الشيء حصل و يحصل عند الكثيرين , هي ممارسات مارسناها و نمارسها ولكن كنا نخجل أن نتكلم بها حتى ظهر كل المخفي و بات الجميع يتحدث عن هذه الأشياء و التي كنت أعدها ضمن الخصوصية ولكنها ليست خصوصية الآن.
فعلا تفاجأت بأن الكثيرين كانوا و مازالوا يمارسون نفس الممارسات التي نمارسها في البيت , علبة الماكنتوش كانت أصعب علبة في طفولتنا و حتى نصل إليها نحتاج إلى تخطيط كبير و كأنه تخطيط لسرقة شيء عظيم و كانوا يخبئونه عنا حتى يتسنى للضيوف تذوقه و أما نحن أهل البيت فهو ممنوع علينا.
كنا نعيش الطفولة ببراءة ولكن كانت البراءة نوع ما غير نقية , عندما كنا نتقابل في المدرسة كل منا يحاول أن يخبئ حقيقة بعض الأمور حتى لا تكون فضيحة أمام الزملاء.
إشتقت لعلبة الماكنتوش الأصلية و التي كانت بيضاء و يتخللها اللون البنفجسي على الأطراف و ما أن تفتح العلبة حتى تجد تلك الورقة و التي تصف كل “حلاوة” ومن ماذا تتكون و عندما كنا نرى العلبة في مكان ما و بين متناول أيدينا و كأننا وجدنا كنز ولكن عند فتح العلبة نتفاجأ بعدة الخياطة , لا أعرف لماذا هذه التصرفات ولكنها كانت تعطي لكل شيء نكهة خاصة , على سبيل المثال : الحلوى العمانية إرتبطت بالعيدين فقط لا غير و كنا نتشوق لتذوق تلك الحلوى في أيام العيد و كانت لها لذتها الخاصة ولكن اليوم نستطيع شرائها وقت ما نشاء , كانت الحياة بسيطة و كانت أجمل لم أكن أتخيل أني سأشتاق لهذه الأيام و في المستقبل سنشتاق لأيامنا هذه , عندما نرى البيت يلمع و الدخون في كل مكان أول سؤال يتبادر إلى أذهاننا من سيزورنا اليوم و كأن النظافة إقتصرت على زيارة الضيوف , هل أنا الوحيد الذي عشت هذا الموقف أم هناك كثير غيري يشاركوني هذه المواقف الطريفة و الجميلة.
هناك شيء ما يجول في خاطري ولكن أظن بأنه تافه ولكني سأتكلم عنه , عندما كنت أدخل إلى المطبخ كنت أجد فنجان القهوة في علبة السكر و كنت أظن بأننا الوحيدين الذين يفعلون هذا الشيء ولكن عندما كبرت وجدت بأن معظمنا يضع فنجان القهوة في علبة السكر.
هي مواقف كنا نعيشها لوحدنا و في بيتنا و لا أحد يعلم به ولكن أرى الجميع يشاركني هذا الشيء.
في مرة من المرات كنت جالسا و راودني سؤال و سألته للجميع و كان السؤال : تذكروا في أيام طفولتكم هل سرقتم شيئا من الدكان؟ و كانت جميع الأجوبة مضحكة.
كم أحب البساطة في حياتي و في حياة من حولي.
حاولوا أن ترجعوا بذاكرتكم للزمن الجميل و إسترجعوا ذكرياتكم و عيشوها و تناقشوا بها أو تداولوها بين أهاليكم ستجدون متعة لا توصف.